حول العلاقة بين مؤسسات رعاية الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة ووسائل الإعلام

 

دراسة من مركز خبرة تكشف أن معظم الأطفال يرون أن الشخصيات التي يشاهدونها طيبة، حتى لو قامت بأدوار الشر 

 

 لاحظت الدكتورة إيمان متولي محمد عرفات –أستاذ قسم الاتصال والإعلام المساعد بجامعة طيبة- بعد دراسة تحليلية عنوانها: العلاقة بين مؤسسات رعاية الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة ووسائل الإعلام والتي قدمتها في ملتقى: (الإعلام الأسري وضرورة التطوير)الذي نظَّمه مؤخرًا مركز بيت الخبرة للبحوث والدراسات الاجتماعية الأهلي، بشراكة متكاملة مع جامعة الملك فيصل تأثير هذه العلاقة الملموس في تشكيل شخصية هؤلاء الأطفال، وأكدت أن لهذه الوسائل دورًا في التنشئة الاجتماعية يفوق تأثيره ذلك الدور الذي يقوم به آباء هؤلاء الأطفال.

  وسعت هذه الدراسة إلى تقصي وحصر أنواع وسائل الإعلام التي تقدمها مؤسسات رعاية الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة لمنسوبيها، والتعرف على دورها في تعزيز وتنمية وصقل شخصيات الأطفال، وعند استعراضها لواقع الإعلام العربي لاحظت أن الأفلام السينيمائية قدمت أنواعا مختلفة من المعالجات لصورة المعاق تراوحت بين التشويه والإساءة للقيم الإنسانية، كما تناولت تلك الفضائيات قضايا المعاقين بطريقة هامشية ولم تعطهم حقهم الطبيعي من الاهتمام، كما أن هناك محاولة لاستغلال صورة المعاق بصورة كوميدية تسئ للمعاق في أحيان كثيرة، بينما يحسب لبعض الفضائيات أنها أفردت زاوية لتقديم الأخبار بطريقة الإشارة للمعاقين الصم والبكم. 

وبينت الدكتورة إيمان أن هذه الدراسة استطلاعية وصفية، انتهجت المنهج المسحي المقارن. وكانت أدوات جمع البيانات استمارات وحلقة نقاش، وملاحظة بالمشاركة، ومقابلة مفتوحة غير مقننة مع إحدى أخصائيات المركز، أما عينة الدراسة فكانت من جمعية الأمير سلطان بن بندر للأطفال المعوقين ومركز خطوات للتأهيل لرعاية الأطفال، بمجموع 40 طفلا و32 معلمة.

وخرجت هذه الدراسة بسؤال الأطفال عما يفضلون مشاهدته في التلفزيون، حيث تباينت إجابات الأطفال في الجمعيتين، وحصلت النسبة الأعلى 20% عند جمعية الأمير بندر على البرامج الأكثر مغامرة، بينما كانت النسبة الأعلى في مركز خطوات لصالح برنامج توم وجيري 25%، وحول سبب تفضيل البرامج التي اختارها الأطفال، فقد تساوت الجمعيتان في المركز الأول عن سبب التفضيل بأنها أكثر تسلية، وعن مدى استفادة الأطفال من تلك البرامج المقدمة لهم أجاب معظمهم أنهم بالفعل يحصلون على استفادة من هذه البرامج.

وأما عن نوعية الاستفادة التي استفادها الأطفال فقد أوضحت الباحثة أن المركز الأول كان: تعلم التسامح والتسلية، بينما حصلت "المضاربة" على المركز الثاني من حيث استفادة الأطفال من البرامج التي يتعرضون لها، حيث ذكر 17.5% من عينة الدراسة بأنهم يتعلمون منها المضاربة! وبمعرفة مدى إدراك الأطفال للشخصية التي يفضلونها هل هي شخصية طيبة أم شريرة – وهنا تكمن الخطورة – فقد استبان أن معظم الأطفال يرون أن الشخصيات التي يشاهدونها طيبة، حتى لو قامت بأدوار الشر.

وفي شأن محاولة التعرف على ردود فعل الأطفال على تصرفات الشخصيات التي يفضلونها هل هي دائما على صواب أم تخطئ أحيانا كشفت الدراسة أن إجابات 80% من الأطفال ترى أن الشخصيات المفضلة لديها دائمًا على صواب، وهو الأمر الأكثر خطورة على الإطلاق، حيث من هذه النقطة يمكن إحداث التأثير على السلوكيات للأطفال، وأفكارهم، وحول الأوقات المفضلة للمشاهدة، نجد أن 37.5% من الأطفال يشاهدونه طوال الوقت، ولذلك تأثير خطير في بناء الطفل ونموه الصحي، والعقلي، والاجتماعي.

وحين طرحت الباحثة سؤالها للأطفال حول مدى حبهم لتقليد الشخصيات التي يفضلون مشاهدتها، كانت إجابات57% منهم بأنهم بالفعل يقلدون الشخصيات التي يفضلونها، وفي المقابل عند سؤالها للمعلمات عن مدى تخصيص وسائل الإعلام جزءًا من خطابها للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، فقد تقاربت مدرسات الجمعيتين بالإجابة "بلا" وأن الإعلام لا يخصص جزءًا من خطابه لهؤلاء الأطفال، وحول مدى إسهام وسائل الإعلام في علاج مشكلات الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة بينت الدراسة أن أكثر من نصف العينة أجابت بأن وسائل الإعلام لا تسهم في حل مشكلات الأطفال.

وأما أمهات الأطفال المعاقين فقد كانت خلاصة النقاش الذي دار فيه أن على الإعلام تحسين المضامين التي يقدمها وتقديم كل ما هو مفيد ومبدع، ولكنه في نفس الوقت لابد أن يتميز بالجاذبية الشديدة، فأطفالهن لا يحبون برامج الأطفال التلفزيونية فحسب، بل يقلدون الشخصيات التي يفضلونها بكل ما فيها وبكل حركاتها وأقوالها، بل ولهجاتها.

وأوضح الدكتور خالد الحليبي المشرف العام على مركز خبرة أن هذه الدراسة النوعية ثمرة من ثمرات ملتقى: (الإعلام الأسري وضرورة التطوير) والذي قد قٌدِّم فيه ثلاثون بحثاً محكماً، تنافس في تجويدها ثلاثون أكاديمياً ومختصا، عملوا على محورين: بلورة فكرة حاضنة الإعلام الأسري وبناء دليل للمركز الإعلامي في المؤسسة الأسرية، ورصد وتحليل لأثر الإعلام التقليدي والجديد عليها، ووضع الحلول والبدائل، وقد صدر عن الملتقى مجموعة مهمة من التوصيات التي تتناسب مع احتياجات المجتمع وتمس كافة شرائحه ومكوناته، بما يحقق طموحاته في مجال الإعلام الأسري، جاءت نتيجة مناقشات ومداخلات قيمة من قبل المشاركين والمشاركات .