دراسة من مركز خبرة تؤكد وجود قصور ملحوظ في تناول البرامج اليوتيوبية السعودية لقضايا الأسرة

دراسة من مركز خبرة تؤكد وجود قصور ملحوظ في تناول البرامج اليوتيوبية السعودية لقضايا الأسرة

 

 

 

في إطار دراستها التحليلية على عينة من قنوات اليوتيوب في السعودية  والتي تناقش موضوع قضايا الأسرة السعودية في وسائل التواصل الاجتماعي، والتي تم طرحها في ملتقى: (الإعلام الأسري وضرورة التطوير) الذي نظَّمه مؤخرًا مركز بيت الخبرة للبحوث والدراسات الاجتماعية الأهلي، بشراكة متكاملة مع جامعة الملك فيصل، تناولت باحثة الدكتوراه تهاني  بنت عبدالرزاق الباحسين من كلية الإعلام والاتصال بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في دراستها عينة من البرامج اليوتيوبية السعودية، وهي: صاحي، وايش اللي، ومسامير، بكونها القنوات التي مثلت أعلى مشاهدة بحسب موقع إحصائيات اليوتيوب واليكسا، واختارت الباحثة خمس حلقات من بين تلك القنوات الثلاث شكلت الأعلى مشاهدة، ووظفت المنهج العلمي الكمي وفق إجراءات تحليل المضمون لوصف الظاهرة والحكم عليها.

        وقد أشارت دلالات دراسة الباحثة الباحسين إلى وجود قصور ملحوظ في الموضوعات المتعلقة بالأسرة حيث بلغت 26.7% بواقع 4 حلقات دارت حول تكاليف الزواج للشباب، وتكافؤ النسب أضف الى ذلك صلة الرحم ودور الوالدين في ذلك، في حين أن هناك موضوعات تحتاج إلى مزيد من التركيز حولها مثل الفتيات المعنفات وحضانة الأطفال، وأوضحت أنه وبالنظر إلى دراسة الصبيحي التي تناولت المعالجة الإعلامية لكتاب الرأي أن القضايا الأسرية التي تناولها الكتاب في مقالاتهم تكاد لا تذكر فقد بلغت 3.74 من واقع 347 مقال تم تحليله، وبالتالي فقد ركزت تلك التناولات على الموضوعات السلوكية وبلغت 40%  مثل ظاهرة التعصب الرياضي في قناة صاحي بأكثر من حلقة، وحققت نسبة مشاهدة مرتفعة، وتناولت الحلقات كما في قناة أيش اللي نقد المضامين الإعلامية خلال شهر رمضان حيث حققت الحلقات الخاصة بذلك مشاهدة عالية وذلك في حلقة (اللهم إني صائم) حيث بلغت نسبة مشاهدات حلقاتها قرابة المليون ونص مشاهدة.

    وبالنظر للجمهور المستهدف لموضوع الحلقات فقد كشفت الدراسة أن الحلقات وجهت نقاشاتها للشباب سواء الذكور أم الإناث، وتناولت نبذ السلوكيات الخاطئة مثل التعصب الرياضي، والنظر بإيجابية لذلك الموضوع، في حين نجد دراسة عوض في جامعة القدس المفتوحة قد قدمت فكرة جديدة من جعل الشباب بجنسيهم من متابعين لوسائل التواصل الاجتماعي إلى قائمين على إحدى منصاتها في صفحات الفيس بوك يناقشون مجالات المــــسؤولية الدينية والأخلاقية، والمسؤولية الجماعية، والمسؤولية الذاتية وتلك فكرة جديرة بالدراسة وجعلها واقعًا.

    وفيما يخص منهج  معالجة القضايا فقد توجهت حلقات عينة الدراسة إلى مناقشة الفكرة بنسبة 53.3% وهي النسبة الأعلى من حيث منهجية المعالجة، وتكاد تكون النسبة مقاربة لدارسة الصبيحي حيث أظهرت نتائج الدراسة اقتصار منهج المعالجة بنسبة مرتفعة على إثارة الموضوعات التي يتناولها كتاب الرأي بنسبة 30.3% مقارنة بالمنهجية الكاملة في التناول التي تشمل إثارة الموضوع ووصفه وذكر أسبابه والحلول المقترحة لمعالجته، وقد أوضح القرني في دراسته عن منهج معالجة مخالف للدراسة الحالية ودراسة الصبيحي عن سعي الصحف  السعودية للقيام بدور رئيس في مجال نقد الممارسات المجتمعية المختلفة مع  محاولة وضع  الرؤى والحلول  وبخاصة تلك الهادفة لتحديد مسؤولية القصور في المجتمع، بينما المشترك ما بين وصف ومناقشة وتقديم حلول أتت النسبة الأقل 20% في حين لم توجد حلقة واحدة من بين عينة الدراسة قدمت حلولا ملحوظة،  بينما وصف الظاهرة وتقديم معلومات كان بنسبة  26.7%  وغالبية تلك الحلقات قائمة على نوع الطرح السلبي  والذي بلغ 66.7% ، مقارنة بالاتجاه الإيجابي والمحايد وهو مؤشر يدل على التركيز على المظاهر السلبية في التناول دون التركيز على الجوانب الإيجابية باعتبار الحلقات تسعى إلى الحد من هذه المظاهر.

    وفيما يخص استراتيجية الإقناع التي اعتمدت عليها البرامج اليوتيوبية في مناقشة موضوعات الحلقات، أظهرت نتائج الدراسة بأن الجانب المنطقي في المناقشة القائم على التحليل وتبصير المشاهد بالموضوع ودفعه للتفكير في موضوع الحلقة بشكل جاد الأكثر فقد تساوت قناتا صاحي ومسامير في مناقشة القضايا بالأسلوب المنطقي العقلاني، ويمكن تفسير ذلك إلى اهتمام تلك القنوات بالتنوع في منطق الاقناع من واقع تنوع المتابعين، وطبيعة انتقائهم لمشاهدة الموضوعات ففي حلقة جنود الخرافة لقناة مسامير كان النقاش حول الجوانب التربوية وتفنيد الفكر الضال. وكان الخطاب ضمناً موجه للشباب إلى جانب أن الحلقة في جوانبها تعزز انخراط الشباب السعودي في جميع مجالات العمل الحر، والتأكيد على أن الفراغ يؤدي إلى توجهات غير محمودة.

    وقد أوصت الدكتورة الباحسين في ختام دراستها إلى الحاجة إلى الدراسات التقويمية للممارسات المهنية في وسائل التواصل الاجتماعي بما يسهم في تطوير أداء الإعلام المجتمعي، وعقد دورات تدريبية لفئة الشباب من الجنسين تستهدف تطوير مهاراتهم في توظيف مواقع التواصل الاجتماعي في خدمة قضايا هادفة  وأسلوب خطابي يعتمد على الجانب العقلاني، كما أشارت إلى أن هذه الدراسة تعد دراسة أولية في مجالها بالنسبة لبيئة الدراسة فهي تحتاج الى إعادة تطبيقها على عينة أكثر بما يعمق للباحثين تفاصيل العملية الإعلامية وتفاعل المشاهدين وتعليقاتهم.

    وأوضح الدكتور خالد بن سعود الحليبي المشرف العام على مركز خبرة أن هذه الدراسة النوعية تعد ثمرة من ثمرات الملتقيات التي ينظمها مركز بيت الخبرة للبحوث والدراسات الاجتماعية الأهلي، الذي يسعى إلى توظيف البحث العلمي فيما يخدم التنمية الأسرية، ويدعم التوجه إلى استثمار قنوات الاتصال والإعلام الاجتماعي في هذا الإطار، وذلك استجابة لتوجيهات ولاة الأمور - أيدهم الله تعالى- الداعية إلى الاهتمام بكل ما يتعلق ببناء الأسرة وتكوينها، ورعايتها، وتنميتها لكونها النواة الأساس للمجتمع.